فصل: خليل بن أحمد البصري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أبجد العلوم **


المجلد الثالث

الرحيق المختوم، من تراجم أئمة العلوم

 مقدمة المؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم ‏(‏3/ 3‏)‏

بسملة باب الوجود حمد من اسمه الأقدس فاتحة كل كتاب، وفهرسة نسخة الشهود ثناء من باكورة حمده في رياض الخير مطلع كل باب، ونسائم التصلية والتسليم، سارية إلى حمى النبي الكريم، وأزهار التحية باسمة على عريش الأصحاب والآل، ما برق ذكاء ولمع آل‏.‏

وبعد فهذا هو القسم الثالث من كتاب ‏(‏أبجد العلوم‏)‏، وكنا قد قسمناه على قسمين من قبل، ولكن لما انتهى بنا الكلام إلى آخر القسم الآخر، عنَّ لنا أن نجعل له قسما ثالثا، في تراجم أكابر أئمة العلوم المتداولة، ليكون له كالمسك على الختام، و يبلغ به الناظر فيه إلى غاية المرام، وسميت هذا الثالث من الأقسام‏:‏ الرحيق المختوم، من تراجم أئمة العلوم، وبالله التوفيق، وإليه مصير كل موجود معدوم‏.‏

فؤادي داع واللسان مترجم ** ويا رب يا رحمن فضلك أكرم

وإني لمضطر وصنعي عاقني ** وهل غير رب العبد للعبد يرحم

قال في كتاب الجواهر المضيئة‏:‏ إن ذكر فضائل العلماء تعرض لنفحات الوهب من الله تعالى، فإن ذكرهم بالفضائل ذكر الله بالإنعام والإفضال، وثمرة ذكر الله طمأنينة القلب، كما نطق به الكتاب المبين، ومن الحديث الدائر على ‏(‏3/ 4‏)‏ الألسنة عند ذكر الصالحين، تنزل الرحمة، رحمنا الله برحمته التي وسعت كل شيء‏.‏

وفي رسالة الشيخ المسند حسن العجيمي ما معناه‏:‏ من ورَّخ أحدا من أهل الفضل والكمال، فهو في شفاعته‏.‏

قال الشاعر‏:‏

أرّخهمْ تظفر بأجر وافر ** فبذكرهم يجلى عن القلب الصدأ

وفي كتاب تحقيق الصفا، لمحب الدين الطبري‏:‏ أن من ورخ مؤمنا فضلا عن عالم عامل فكأنما أحياه، ومن أحيى مؤمنا فكأنما أحيى الناس جميعا‏.‏ انتهى‏.‏

أرّخت أحبابي لكي ألقاهم ** ما دمت في الأحياء نصيب نواظري

وينال سمعي من لذيذ حديثهم ** خيرا وإن لم يبرحوا عن خاطري

ولبعضهم‏:‏

إن كان قد رحلوا عني وقد بعدوا ** فليس عن حبهم قلبي بمرتحل

في حبهم أنا موقوف على رشد ** ميل الغصون وميل الشارب الثمل

 علماء اللغة

 خليل بن أحمد البصري

صاحب كتاب العين في اللغة، أستاذ سيبويه

وهو أول من استخرج العروض وأخرجه إلى الوجود، وحصر الأشعار بها في خمس دوائر، يستخرج منها خمسة عشر بحرا؛ ثم زاد فيه الأخفش بحرا واحد، وسماه الخبب؛ وله معرفة بالإيقاع والنغم، وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض، فإنهما متقاربان في المآخذ‏.‏ وكان دعا بمكة أن يرزقه الله تعالى علما لم يسبق إليه ولا يؤخذ إلا عنه، فرجع من حجه وفتح، عليه بالعروض‏.‏

وكان من الزهاد في الدنيا، والمنقطعين إلى العلم‏.‏

قال تلميذه نضر بن شميل‏:‏ أقام الخليل في خُصٍّ بالبصرة لا يقدر على ‏(‏3/ 5‏)‏ فلسين، وتلامذته يكتسبون بعلمه الأموال؛ وكان الناس يقولون‏:‏ لم يكن في العرب بعد الصحابة أذكى منه‏.‏

وكان يحج سنة، ويفرد سنة، وأبوه‏:‏ أول من سُمِّي أحمد بعد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وكان يقول‏:‏ أكمل ما يكون الإنسان عقلا وذهنا إذا بلغ أربعين سنة، وهي السن التي بعث الله فيها محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يتغير وينقص إذا بلغ ثلاثا وستين سنة، وهي السن التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وأصفى ما يكون ذهن الإنسان في وقت السحر‏.‏

ومن شعره‏:‏

لو كنت تعلم ما أقول عذرتني ** أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا

لكن جهلت مقالتي فعذلتني ** وعلمت أنك جاهل فعذرتكا

وأنشد‏:‏

يقولون لي‏:‏ دار الأحبة قد دنت ** وأنت كئيب إن ذا لعجيب

فقلت‏:‏ وما تغني الديار وقربها ** إذا لم يكن بين القلوب قريب‏؟‏

ذكر له ابن خلكان ترجمة حافلة في وفيات الأعيان‏.‏

توفي الخليل سنة خمس وستين أو سبعين ومائة، وله أربع وسبعون‏.‏

وسبب موته أنه قال‏:‏ أريد أن أعمل نوعا من الحساب، تمضي به الجارية إلى البقال، فلا يمكن أن يظلمها؛ فدخل المسجد وهو يعمل فكره، فصدمته سارية وهو غافل، فانصدع ومات؛ و رُئي في النوم فقيل له‏:‏ ما صنع الله بك‏؟‏ فقال‏:‏ أرأيت ما كنا فيه، لم يكن شيئا، أو ما وجدت أفضل من‏:‏ سبحان الله، والحمد الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر‏.‏

 علي بن حسن الهناني المعروف بكُراع النمل

بضم الكاف، أبو الحسن النحوي اللغوي، قال ياقوت‏:‏ هو من أهل مصر، أخذ عن البصريين، وكان نحويا كوفيا، كتب المنضد في لغة المجرد سنة سبع وثلاثمائة‏.‏ ‏(‏3/ 6‏)‏

 أحمد بن فارس بن زكريا

أبو الحسين اللغوي الرازي القزويني، كان نحويا على طريقة الكوفي، سمع أباه، وعليَّ بن إبراهيم بن سلمة، وقرأ عليه الأديب الهمذاني؛ وكان إماما في علوم شتى، خصوصا باللغة، فإنه أتقنها، وألف كتابه المجمل في اللغة، وهو على اختصاره جمع شيئا كثيرا، وله مسائل في اللغة؛ وكان مقيما بهمذان، فحمل منها إلى الري ليقرأ عليه أبو طالب بن فخر الدولة فسكنها؛ وعليه اشتغل بديع الزمان صاحب المقامات، وكان شافعيا فتحول مالكيا وقال‏:‏ أخذتني الحمية لهذا الإمام أن يخلو مثل هذا البلد عن مذهبه، وكان الصاحب بن عباد تلمذ له ويقول‏:‏ شيخنا ممن رزق حسن التصنيف؛ وكان كريما جودا، ربما سئل فيهب ثيابه وفرش بيته‏.‏

قال الذهبي‏:‏ مات سنة 395 وهو أصح ما قيل في وفاته‏.‏

ومن شعره‏:‏

مرت بنا هيفاء مجدولة * تركية تنمي لتركي

ترنو بطرف فاتر فاتن * أضعف من حجة نحوي

 إسحاق بن إبراهيم الفارابي

أبو إبراهيم، صاحب ديوان الأدب في اللغة، خال أبي نصر الجوهري، ترامى به الاغتراب إلى أرض اليمن، وسكن زبيد، وبها صنف كتاب المجمل، ومات قبل أن يروى عنه قريبا من سنة 350، وقيل‏:‏ في حدود السبعين‏.‏

وقال ياقوت‏:‏ رأيت نسخة من هذا الكتاب بخط الجوهري، وقد ذكر فيها‏:‏ أنه قرأه إلى إبراهيم بقاراب‏.‏

وله رحمه الله تعالى أيضا‏:‏ شرح أدب الكتاب وبيان الأعراب‏.‏

 أحمد بن أبان بن سيد اللغوي الأندلسي

صاحب المعلم في اللغة، أخذ عن أبي علي القالي وغيره، وكان عالما إماما في اللغة والعربية، حاذقا أديبا سريع الكتابة‏.‏

روى عنه الأفليطي، صنف المعلم مائة مجلد، مرتبا على الأجناس، بدأ فيه بالفلك وختم بالذرة، وشرح كتاب الأخفش وغير ذلك‏.‏

مات سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة‏.‏ ‏(‏3/ 7‏)‏

 محمد بن أحمد بن الأزهر

طلحة بن نوح الهروي اللغوي الشافعي، أبو منصور الأزهري، ولد سنة 282‏.‏

وأخذ عن ربيع بن سليمان، ونفطويه، وابن السراج، وأدرك ابن دريد، ولم يرو عنه، وورد بغداد، وأسرته القرامطة، فبقي فيهم دهرا طويلا، وكان رأسا في اللغة واشتهر بها‏.‏

أخذ عنه الهروي صاحب الغريبين، وكان قد رحل وطاف في أرض العرب في طلب اللغة، وكان جامعا لشتات اللغة، مطلعا على أسرارها ودقائقها، وصنف في اللغة كتاب التهذيب، وهو من الكتب المختارة يكون أكثر من عشر مجلدات، وله تصنيف في غريب الألفاظ التي استعملها الفقهاء في مجلد واحد، وهو عمدة الفقهاء في تفسير ما يشكل عليهم من اللغة المتعلقة بالفقه، وكان عارفا بالحديث، عالي الإسناد، ثخين الورع‏.‏

ولد في سنة 282، ومات في ربيع الآخر سنة 370، وقيل سنة 371 بمدينة هراة، وله أيضا تفسير ألفاظ مختصر المزني، والتقريب في التفسير وغير ذلك؛ ورأى ببغداد أبا إسحاق الزجاج، وأبا بكر بن الأنباري، ولم ينقل أنه رحمه الله تعالى أخذ عنهما شيئا‏.‏

 علي بن إسماعيل بن سيِّده

اللغوي النحوي المرسي الأندلسي، أبو الحسن الضرير، صاحب المحكم في اللغة، وله كتاب المخصص في اللغة أيضا، قيل‏:‏ اسم أبيه‏:‏ محمد، وقيل‏:‏ إسماعيل، وكان أبوه ضريرا أيضا، قيّما بعلم اللغة؛ اشتغل ولده، كان حافظا، لم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بها، متوفرا على علوم الحكمة‏.‏

روى عن أبيه وأبي العلاء صاعد بن الحسن البغدادي، وله شرح إصلاح المنطق، و شرح الحماسة، وشرح كتاب الأخفش‏.‏

مات سنة 358، عن نحو ستين سنة ‏(‏3/ 8‏)‏ أو نحوها، وكان له في الشعر حظ وتصرف‏.‏

 إسماعيل بن حماد الإمام أبو نصر الفارابي الجوهري

صاحب الصحاح‏.‏

قال ياقوت‏:‏ كان من أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلما، أصله من فاراب الترك، وكان إماما في اللغة والأدب، وخطه يضرب به المثل، وكان يؤثر السفر على الحضر، ويطوف الآفاق لأجل العلم، صنف كتابا في العروض، ومقدمة في النحو، قبل تغير عقله في آخر عمره، فعمل لنفسه جناحين، فصعد مكانا عليا، فأراد أن يطير فوقع ميتا، وبقي الصحاح في المسودة فبيّضه تلميذه إبراهيم بن صلاح الوراق، فغلط فيه في مواضع‏.‏

قال ياقوت‏:‏ وقد رأيت كتاب الصحاح بخطه عند الملك الأعظم، وقد كتبه في سنة 392‏.‏

قال ابن فضل الله في المسالك‏:‏ مات سنة 396‏.‏

 عبد الله بن بري

ابن عبد الجبار، أبو محمد المقدسي المصري النحوي اللغوي، علق نكتا مفيدة على صحاح الجوهري، وشاع ذكره واشتهر، ولم يكن في الديار المصرية مثله، كان قيما في النحو واللغة والشواهد‏.‏

صنف اللباب للرد على ابن الخشاب، في رده على درة الغواص للحريري‏.‏

قال الصفدي‏:‏ لم يكمل هو حواشي الصحاح، وإنما وصل إلى وقس، وهو ربع الكتاب، فأكملها الشيخ عبد الله بن محمد البطي‏.‏

مات ابن بري سنة 582، وللصحاح تكملة وحواش للصغاني رحمه الله تعالى، وجمع بينها وبين الصحاح مجمع البحرين‏.‏

 محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم الشيرازي الفيروزآبادي

صاحب المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب، والقاموس المحيط، والقاموس الوسيط، الجامع لما ذهب من لغة العرب شماطيط، والعباب، وقد بلغ تمامه ستين مجلدة، والقاموس معظم البحر‏.‏ ‏(‏3/ 9‏)‏

والقابوس الرجل الجميل الحسن الوجه، الحسن اللون، يقال‏:‏ رجل وسيط فيهم أي‏:‏ أوسطهم نسبا، وأرفعهم محلا، ويقال‏:‏ قوم شماطيط أي‏:‏ متفرقة، و جاءت الخيل شماطيط أي‏:‏ أرسالا‏.‏

وهو العلامة مجد الدين أبو الطاهر، إمام عصره في اللغة‏.‏

قال الحافظ ابن حجر‏:‏ كان يُرفع نسبه إلى الشيخ أبي إسحاق الشيرازي صاحب التنبيه، ثم ارتقى وادعى بعد أن ولي قضاء اليمن أنه من ذرية أبي بكر الصديق، وكتب بخطه الصديقي، ولد سنة 729 بكازرون، وتفقه ببلاده وسمع بها، من محمد بن يوسف الزرندي المدني، ونظر في اللغة إلى أن مهر وفاق، واشتهر اسمه وهو شاب في الآفاق، وطلب الحديث، وسمع من الشيوخ منهم‏:‏ الحافظ الإمام الواحد المتكلم الحجة ابن القيم، تلميذ شيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني رحمهم الله تعالى؛ وسمع بالشام من الشيخ تقي الدين أبي الحسن السبكي الكبير، وولده أبي النصر تاج الدين السبكي الصغير، وابن نباتة، وابن جماعة وغيرهم؛ وجال في البلاد الشمالية والشرقية، ولقي جماعة من الفضلاء، وأخذ عنهم وأخذوا عنه، وظهرت فضائله، وكتب الناس تصانيفه، ودخل الهند ثم زبيد، فتلقاه ملكها الأشرف إسماعيل بالقبول، وقرره في قضائها، وبالغ في إكرامه، ولم يدخل بلدة إلا وكرمه متوليها؛ وكان معظما عند الملوك، أعطاه تيمورلنك خمسة آلاف دينار؛ ودخل الروم فأكرمه ملكها ابن عثمان، وحصل له مال جزيل، ومع ذلك فإنه كان قليل المال لسعة نفقاته، وكان يدفعه إلى من يمحقه بالإسراف، ولا يسافر إلا وصحبته عدة أجمال من الكتب، يخرج أكثرها في منزل ينظر إليه، ويعيده إذا رحل، وكان إذا أملق باعها‏!‏ وكان سريع الحفظ‏.‏

يحكى عنه أنه كان يقول‏:‏ ما كنت أنام حتى أحفظ مائتي سطر، ومصنفاته كثيرة، وقد عُدَّ منها بضع وأربعون مصنفا من اللغة والتفسير والحديث‏.‏

توفي بزبيد سنة ست أو سبع عشرة وثمانمائة، وهو متمتع بحواسه، ودفن بتربة الشيخ ‏(‏3/ 10‏)‏ إسماعيل الجبرتي‏.‏

قلت‏:‏ ومن مؤلفاته‏:‏ كتاب سفر السعادة، وهو بالعربية وبالفارسية، وما أجمعه وأصحه، وأوعاه لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، وما أليقه للعمل لمريد السنة‏!‏

 محمد بن مكرم بن علي

- وقيل‏:‏ رضوان - بن أحمد بن أبي القاسم بن حنفية بن منظور

الأنصاري الأفريقي المصري، جمال الدين أبو الفضل، صاحب كتاب لسان العرب في اللغة، الذي جمع فيه بين التهذيب، والمحكم، والصحاح وحواشيه، والجمهرة، والنهاية‏.‏

ولد في محرم سنة 63، وسمع من أبي المعز وغيره، وجمع وعمر وحدث، واختصر كثيرا من كتب الأدب المطولة كالأغاني، والعقد، والذخيرة، ومفردات ابن البيطان‏.‏

يقال‏:‏ أن مختصراته خمسمائة مجلد، وخدم في ديوان الإنشاء مدة عمره، وولي قضاء طرابلس، وكان صدرا رئيسا فاضلا في الأدب، مليح الإنشاء‏.‏

روى عنه السبكي والذهبي، تفرد بالعوالي، وكان عارفا بالنحو واللغة والتاريخ والكتابة، واختصر تاريخ دمشق في نحو ربعه، وعنده تشيع بلا رفض‏.‏

مات في شعبان سنة إحدى عشر وسبعمائة‏.‏

 أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الميداني

النيسابوري، أبو الفضل الأديب النحوي اللغوي، صاحب كتاب السامي في الأسامي‏.‏

قال ياقوت‏:‏ قرأ على الواحدي صاحب التفسير وغيره، وأتقن اللغة والعربية، و صنف كتاب الأمثال، ولم يعلم مثله في بابه، والأنموذج في النحو والمصادر، ونزهة الطرف في علم الصرف، وكان قد سمع الحديث ورواه، وكان ينشد كثيرا وأظنهما له‏:‏

تنفس صبح الشيب في ليل عارضي ** فقلت‏:‏ عساه يكتفي بعذاري

فلما فشا عاتبته فأجابني ** ألا هل ترى صبحا بغير نهار

وقرأ عليه ابنه‏.‏

مات في رمضان سنة 518‏.‏ والميداني‏:‏ نسبة إلى ميدان زياد ‏(‏3/ 11‏)‏ بن عبد الرحمن، وهي محلة بنيسابور؛ قلت‏:‏ وقد طبع كتابه الأمثال بمصر القاهرة لهذا العهد، وابنه أبو سعد سعيد بن أحمد كان أيضا فاضلا دينا، وله كتاب الأسماء في الأسماء، وتوفي رحمه الله سنة تسع وثلاثين وخمسمائة‏.‏

 ناصر بن عبد السيد بن علي بن المطرزي الحنفي

أبو الفتح النحوي الأديب، من أهل خوارزم، قرأ على الزمخشري والموفق، وبرع في النحو واللغة والشعر وأنواع الأدب والفقه على مذهب الحنفية، ويقال‏:‏ أنه كان خليفة الزمخشري، وكان معتزليا، تام المعرفة بفنه، رأسا في الاعتزال داعيا إليه، ينتحل مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع، فصيحا فاضلا في الفقه، صنف شرح المقامات للحريري، وهو على وجازته مفيد محصل للمقصود، وله كتاب المغرب، تكلم فيه على الألفاظ التي يستعملها الفقهاء من الغريب، وهو للحنفية بمثابة كتاب الأزهري للشافعية، وما قصّر فيه فإنه أتى جامعا للمقاصد، وله مختصر الإقناع في اللغة، والمصباح في النحو، ومختصر الإصلاح لابن السكيت وغير ذلك، وانتفع الناس بكتبه؛ ودخل بغداد حاجا سنة 601، وكان سائرَ الذكر، مشهورَ السمعة، بعيد الصيت، له شعر كثير يستعمل فيه التجانس‏.‏

والمطرزي‏:‏ نسبة إلى من يطرز الثياب ويرقمها، ولا أعلم هل كان يتعاطى ذلك بنفسه، أم كان في آبائه من يتعاطى ذلك فنسب إليه‏؟‏ قاله ابن خلكان‏.‏

ولد في رجب سنة 38 هـ، ومات بخوارزم في يوم الثلاثاء حادي عشر جمادى الأولى سنة 610، ورُثي بأكثر من ثلاثمائة قصيدة‏.‏

 عمر بن محمد بن أحمد

ابن إسماعيل، أبو حفص نجم الدين، الإمام الزاهد، قال السمعاني‏:‏ كان إماما فاضلا مبرزا متقنا لغويا‏.‏

سمع أبا مجد محمد التنوخي، وأبا الحسين محمد البزدوي وغيرهما‏.‏

وصنف في كل نوع من العلم في التفسير والحديث واللغة والشروط، صنف قريبا من مائة مصنف ‏(‏3/ 12‏)‏‏.‏

ولد بنسف في شهور سنة اثنتين وستين وأربعمائة، وتوفي سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، وفي هذه السنة توفي أيضا الزمخشري صاحب الكشاف‏.‏

مبارك بن محمد بن محمد، مجد الدين أبو السعادات الجزري الإرملي، المشهور بابن الأثير‏.‏

أشهر العلماء ذكرا، وأكبر النبلاء قدرا، أحد الأفاضل المشار إليهم، وفرد الأماثل المعتمد في الأمور عليهم، كان نائب المملكة، ولد سنة 544 هـ بالجزيرة، وانتقل إلى الموصل، وأخذ النحو عن ابن دهان، ويحيى بن سعدون القرطبي، وسمع الحديث متأخرا، وتنقل في الولايات، وكتب في الإنشاء‏.‏

وله النهاية في غريب الحديث، وجامع الأصول في أحاديث الرسول، والبديع في النحو، وكتاب الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف في التفسير، وكتاب المصطفى والمختار في الأدعية والأذكار، وكتاب في صفة الكتابة، صنف هذه الكتب وكان عنده جماعة يعينونه عليها في الاختيار والكتابة، وله شعر يسير‏.‏

مات سنة 606 رحمه الله تعالى‏.‏

أبو الفيض محمد مرتضى بن محمد الحسيني، صاحب تاج العروس شرح القاموس

السيد الواسطي البلجرامي، نزيل مصر، شريف النجار، عظيم المقدار، كريم الشمائل، غزير الفواضل والفضائل‏.‏

أخذ العلوم النقلية والعقلية في مدينة زبيد، على جماعة أعلام منهم‏:‏ السيد العلامة أحمد بن محمد مقبول الأهدل، ومَن في طبقته‏:‏ كالشيخ عبد الخالق ابن أبي بكر المزجاجي، والشيخ محمد بن علاء الدين المزجاجي‏.‏

قال في النفس اليماني والروح الريحاني‏:‏ وأخذ عمن أُخذ عنهم‏:‏ كشيخنا الوالد رحمه الله، ثم توجه إلى ‏(‏3/ 13‏)‏ إقليم مصر، واستكمل فيها العلوم النقلية والعقلية، وبرع في جميع العلوم سيما علمي الحديث واللغة، وأدرك شيوخنا من أهل الأسانيد العالية، وألف التآليف النافعة الواسعة، واستجاز لي منه شيخنا الوالد وأجاز، وكذلك استجاز لي منه السيد العلامة عبد الله السعدي مقبول الأهدل، وأجاز واستجاز منه لنفسه ولأولاد شيخنا الوالد القاضي العلامة محمد بن إسماعيل الربعي‏.‏

وأجاز وكتب هذه الإجازة‏:‏

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أجاز على العمل الصحيح المقبول أحسن إجازة، ووعد بوجادة ذلك يوم مناولة الكتاب باليمين وعدا لا يخلف سبحانه إنجازه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة يسندها عن القلب اللسان، ويرفع إسنادها على متن مسندها راية روايتها التي هي علم الإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المرفوع قدره على كل نبي مرسل، المطهر نسبه الزكي المسلسل، وعلى آله وصحبه الذين قامت لهم بمتابعته شواهد التفضيل، وأضحى مدرجا في إجمال ما شهد به كل تفصيل‏.‏

وبعد، فلما أشرق سبحانه على من أسعده شمس العناية، وجلى قلبه بنور التوفيق بكمال الرعاية، ووالى عليه طول إمداده عند بزوغ هلاله، ولم يزل يعرج في منازل العز إلى أن بلغ أوج كماله، كان من أصدق ما صدقت عليه هذه العبارة، وأحرى مَن تنصرف إليه هذه الإشارة، السالك بمقتضى التوفيق، أبهج المسالك النبوية، الراقي بهمته ذرى التحقيق، فظفر منه بالغاية المقبولة المرضية، وتحلى بالفضائل ما أوضح شاهده الدليل، حيث صرف أوقاته النفيسة في التحصيل، وأرق فكره في التفريع والتأصيل، إلى أن اكتال من المعارف بالصاع الأوفى، وروي من منهلها الأعذب الأصفى، وتفيأ بظلال رياض العلوم بالمدد، وروى حديث الفضل عالي السند، وجاء مجليا في حلبة الفواضل، محرزا قصب السبق بأطراف الأنامل، ألا وهو النجيب الكامل، صفي الإسلام أبو الإمداد محمد، نجل شيخنا الإمام العلامة قاضي القضاة عماد الإسلام إسماعيل ابن ‏(‏3/ 14‏)‏ الشهاب أحمد بن المرحوم إبراهيم بن عمر بن عبد القادر الربعي الأشعري، وهو زاكي الحسب، عريق في النسب، إذ أُمُّ جده إبراهيم هي‏:‏ آمنة ابنة الفقيه العلامة محمد بن إبراهيم بن إسماعيل العلوي، وقد تولى القضاء من أسلافهم جماعة في مور والمهجم، وبعضهم عند البدر الأهدل مترجم، نفعنا الله ببركات السلف الصالح، وأعز جناب هذا الخلف الفالح، وأدام النفع به، ووصل أسباب الخيرات بسببه، آمين‏.‏

وقد دعاه حسن الظن بي أن كتب إلي كتابا يستدعي فيه الإجازة مني، حرصا على الانتظام في سلك من تحلى بما خُصّت به هذه الأمة من الإسناد، والتمسك بسلسلته الموصلة لأشرف الرسل إلى العباد، ولقد ذكرني - حفظه الله - بشيء كاد أن يكون نسيا منسيا، ورَعْيا له فقد شوقني لما كان أمرا ظاهرا فعاد خفيا، فقد كان فيما عبر من الزمان، يرحل إلى الإسناد العالي إلى شاسع البلدان، وتطلب الإجازة من بعيد تلك الديار، وأطراف تلك الأقطار، أما الآن فقد زال ذلك الانضباط، وطوي ذلك البساط، وتقاعدت الهمم عن طلبه، وركّت عن السعي في تحصيل رتبه، وذهب المسدون الخلة، ومن كانت تزدهي بوجودهم الملة، كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفاء أنيس، ولم يسمر بمكة سامر، ولكن بقي من آثارهم بقايا، في زوايا الزمان ممن تحمل عنهم خبايا، والعبد بحمد الله ممن تردد إلى مشائخ علم الحديث والإسناد قديما، وصبغ بالتحمل عنهم في ساحته أديما، وقد قرت عيني به الآن، وابتهج خاطري بوجود طالب هذا الشان، فلله الحمد على ذلك، والشكر له على سلوك ‏(‏3/ 15‏)‏ هذه المسالك، فإنه الموفق لما هنالك، المعطي المانع الملك المالك، وقد أجبت لسيدنا المشار إليه إلى مطلوبه، وسعفته بتحصيل مرغوبه، وأجزته أن يروي عني جميع ما تجوز لي وعني روايته من مقروء، ومسموع، ومجاز، ومناولة، ووجادة، وكتابة، ووصية، ومراسلة، وفروع، وأصول، ومعقول، ومنقول، ومنثور، منظوم، وتأليف، وتخريج، وكلام، وتصوف، ولغة، ونحو، وتصريف، ومعاني، وبيان، وبديع، وتاريخ، ودواوين، وما ألفته، وخرجته، ونظمته، ونثرته بشرطه الذي عليه عند أرباب هذا الشأن يعتمد، وقرنت ذلك الاقتصار من الطرق التي رويت بها أعلى السند، وكذلك أجزت بكل ما ذكر أولاد شيخنا الإمام العلامة نفيس الإسلام سليمان بن يحيى بن عمر - حفظه الله -، وحاطهم بحسن رعايته، ولطيف كلاءته، ذكورا وإناثا، وأنا أسأل من فضله أن لا ينساني من خالص دعواته، في خلواته وجلواته، وأتوسل إلى الله تعالى بخاتم أنبيائه عليه أفضل الصلاة والسلام، أن يرزقني وإياهم وجميع المسلمين حسن الختام، آمين‏.‏

فأقول‏:‏ أخبرني ما بين قراءة، وسماع، وإجازة خاصة وعامة، مشائخنا الأئمة الأعلام‏:‏ السيد نجم الدين أبو حفص عمر بن أحمد بن عقيل الحسيني؛ والشهابان‏:‏ أحمد بن عبد الفتاح بن يوسف بن عمر المجري الملوي، وأحمد بن حسن بن عبد الكريم بن محمد بن يوسف الخالدي؛ وعبد الله بن محمد الشبراوي؛ والسيد عبد الحي بن الحسن بن زين العابدين البهنسي؛ خمستهم عن‏:‏ مسند الحجاز عطاء بن سالم البصري؛ والشهاب أحمد بن محمد النخلي؛ وشيخنا‏:‏ النجم أبو المكارم محمد بن سالم بن أحمد الحنفي، عن المسند عبد العزيز بن إبراهيم الزيادي؛ وشيخنا المتفنن‏:‏ أحمد بن عبد المنعم بن صيام الدمنهوري، عن الشمس محمد بن منصور الأطفيحي؛ وشيخنا‏:‏ أبو المعالي الحسن بن علي المدابغي، عن عبد الجواد بن القاسم المحلي؛ وشيخنا المعمر‏:‏ السيد محمد بن محمد التليدي ‏(‏3/ 16‏)‏ عن أبي عبد الله محمد بن عبد الباقي الزرقاني؛ وشيخنا‏:‏ الشهاب أحمد بن شعبان بن غرام الرعيلي، الشهير بالسابق، قال‏:‏ هو وهو أعلى بدرجة؛ والزرقاني؛ والمحلي؛ والأطفيحي؛ والزيادي؛ والنخلي؛ والبصري‏.‏

أخبرنا الحافظ شمس الدين محمد بن علاء الدين البابلي، وزاد الزرقاني والأطفيحي والزيادي، فقالوا‏:‏ وأبو الضياء علي بن علي الشَبْرَامَلَّسي‏.‏

وأخبرنا شيخنا عبد الله بن محمد بن أحمد العشماوي، عن أبي العز محمد العجمي، عن أبيه محدث القاهرة الشهاب أحمد بن محمد العجمي قال‏:‏ هو والبابلي، أخبرنا المسند نور الدين علي بن يحيى الزيادي، عن كل من السندين‏:‏ يوسف بن زكريا، ويوسف بن عبد الله الأرميوني، كلاهما، عن الحافظ شمس الدين أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي، وبرواية البابلي والشبراملسي، عن الشهاب أحمد بن خليل السبكي، وبرواية البابلي خاصة، عن خاله سليمان ابن عبد الدائم البابلي، وأبي النجا سالم بن محمد السنهوري، وعبد الرؤوف بن تاج العارفين المناوي، والشهاب أحمد بن محمد بن يونس الحنفي، والمعمر محمد بن محمد بن عبد الله القلقشندي الواعظ، خمستهم‏:‏ عن نجم السنة محمد بن أحمد بن علي الغيطي، عن شيخ الإسلام زكريا بن محمد الأنصاري، وبرواية السنهوري، عن الشهاب أحمد بن محمد بن علي بن حجر المكي، عن شيخ الإسلام، وعن عبد الحق بن محمد السنباطي، وبرواية الواعظ أيضا، عن أحمد بن محمد السبكي، عن الجمال إبراهيم بن أحمد ابن إسماعيل القلقشندي، وبرواية شيخ مشائخنا البصري، عن علي بن عبد القادر الطبري، عن عبد الواحد بن إبراهيم الخطيب، عن الشمس محمد بن إبراهيم العمري، هو والجمال القلقشندي والسنباطي وشيخ الإسلام والسخاوي، عن حافظ الأمة شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن محمد العسقلاني، الشهير بابن حجر - قدس الله سره - بأسانيده المتفرعة إلى أئمة الكتب الستة وغيرهم، مما أوردها في كتاب المعجم ‏(‏3/ 17‏)‏ المفهرس، وهو في جزء حافل، وبرواية عبد الواحد الخطيب أيضا، عن الجلال عبد الرحيم بن عبد الرحمن العباسي، هو والأرميوني وأبو زكريا أيضا، عن الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي بأسانيده المذكورة في معجمه‏.‏

ومن مشائخي‏:‏ الإمامان الفقيهان‏:‏ محمد بن عيسى ابن يوسف الدنجاوي، ومصطفى بن عبد السلام المنزلي، أخذت عنهما بثغر دمياط، وهما يرويان عن الإمام أبي حامد بن محمد البديري، عن الشيخ إبراهيم الكوراني، وقريش بنت عبد القادر الطبري، ومحمد بن عمر الشوبري، ومحمد بن داود العناني، والمقري‏:‏ محمد بن قاسم البقري، وأحمد بن عبد اللطيف البشيشي بأسانيدهم‏.‏

ومن مشائخي‏:‏ سالم بن أحمد النفراوي، وسليمان ابن مصطفى المنصوري، وأبو السعود محمد بن علي الحسني، وعبد الله بن عبد الرزاق الحريري، ومحمد بن الطيب الفاسي، ومحمد بن عبد الله بن أيوب التلمساني، الشهير بالمنور، وعلي بن العربي السقاط، وعمر بن يحيى الطحلاوي وغيرهم‏.‏

وممن كتب بالإجازة إلي جماعة أجلهم‏:‏ الشهاب أحمد بن علي الميني الحنفي من دمشق، وعلي بن محمد السلمي من صالحيتها؛ وأبو المواهب محمد صالح بن رجب القادري، ومحمد بن إبراهيم الطرابلسي النقيب، ومحمد بن طه العقاد، وأحمد بن محمد الحلوي، أربعتهم من حلب؛ والمسند أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي من نابلس، وأحمد بن عبد الله السنوسي، ومحمد بن علي بن خليفة الفريابي، كلاهما من تونس‏.‏

و لي غيرهم من الشيوخ ذي الرسوخ، الموصوفين بالصلاح، المنتظمين في سلك ذوي الفلاح، تغمدهم الله بعفوه، وزادهم من سلسبيل الجنة بصفوه، وأسانيدهم مشهورة، وفي صحف السماعات مسطورة، أوزعنا الله وإياهم شكر نعمته، وجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمته، على بساط أنسه، وحضرة قدسه‏.‏ ‏(‏3/ 18‏)‏

ومما نسب إليه من التأليف والتخريج‏:‏ فشرح القاموس، المسمى بتاج العروس، في عشرة أسفار كبار، أتممته في أربع عشرة سنة‏.‏

وشرح إحياء علوم الدين، أعانني الله على إكماله، وقد وصلت فيه إلى كتاب الصلاة‏.‏

وتكملة القاموس، مما فاته من اللغة، لم يكمل‏.‏

وشرح حديث أم زرع، أحد عشر مجلسا‏.‏

ورفع الكلل عن العلل‏.‏

وتخريج حديث‏:‏ شيبتني هود‏.‏

وتخريج حديث‏:‏ نعم الإدام الخل‏.‏

والمواهب الجلية فيما يتعلق بحديث الأولية‏.‏

والمرقاة العملية في شرح الحديث المسلسل بالأولية‏.‏

والعروس المجلية في طرق حديث الأولية‏.‏

وشرح الحزب الكبير للشاذلي، المسمى‏:‏ بتنبيه المعارف البصير، على أسرار الحزب الكبير، وإنالة المنى في سر الكنى‏.‏

والقول المبتوت في تحقيق لفظ التابوت‏.‏

وحسن المحاضرة في آداب البحث والمناظرة‏.‏

ورسالة في أصول الحديث‏.‏

ورسالة في أصول المعمى‏.‏

وكشف الغطا عن الصلاة الوسطى‏.‏

والاحتفال بصوم الست من شوال‏.‏

وإيضاح المدارك عن نسب العواتك‏.‏

وإقرار العين بذكر من نسب إلى الحسن والحسين، والابتهاج بذكر أمر الحاج‏.‏ ‏(‏3/ 19‏)‏

والفيوضات العلية بما في سورة الرحمن من أسرار الصيغة الإلهية‏.‏

والتعريف بضروري علم التصريف‏.‏

والعقد الثمين في طرق الإلباس والتلقين‏.‏

وإتحاف الأصفياء بسلاسل الأولياء‏.‏

وإتحاف بني الزمن في حكم قهوة اليمن‏.‏

وإتحاف الإخوان في حكم الدخان‏.‏

والمقاعد العندية في المشاهد النقشبندية، مائة وخمسون بيتا‏.‏

والدرة المضيئة في الوصية المرضية، مائتان وعشرون بيتا‏.‏

وإرشاد الإخوان إلى الأخلاق الحسان، مائة وعشرون بيتا‏.‏

وألفية السند، في ألف وخمسمائة بيت، وشرحها في عشرة كراريس‏.‏

وشرح صيغة ابن مشيش‏.‏

وشرح صيغة السيد البدوي‏.‏

وشرح ثلاث صيغ لأبي الحسن البكري‏.‏

وشرح سبع صيغ، المسمى‏:‏ بدلائل القرب، للسيد مصطفى البري‏.‏

والأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة‏.‏

وتحفة العيد، في كراس‏.‏

وتفسير سورة يونس على لسان القوم‏.‏

ولقطة العجلان في ليس في الإمكان أبدع مما كان‏.‏

والقول الصحيح في مراتب التعديل والتجريح‏.‏

والتحبير في الحديث المسلسل بالتكبير‏.‏

والأمالي الحنفية، في مجلد‏.‏

والأمالي الشيخونية، في مجلدين‏.‏

وقد بلغت أربعمائة مجلس، إلى وقت تاريخ الكتابة، إلى غير ذلك من رسائل منظومة ومنثورة، مما لست أحصي أسماءها الآن‏.‏ ‏(‏3/ 20‏)‏

وقد أجزت السيد المشار إليه ومن ذكر معه بكل ما ذكر إجمالا وتفصيلا إجازة عامة وخاصة، قاله بفمه، ورقمه بقلمه‏:‏ الفقير لمولاه، الشاكر لما أولاه، أبو الفيض محمد مرتضى بن محمد الحسيني، نزيل مصر، وخادم علم الحديث بها، غفر الله زلَلَه، وأصلح خلله، وتقبل عمله، وبلغه أمله، في مجلس واحد من ليلة خروج المحمل الشريف، وهي ليلة الاثنين تاسع شهر شوال سنة 1195، أحسن الله تمامها، وأسعد عامها، والحمد الله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل‏.‏

ووصل من السيد المذكور إلى شيخنا الوالد هذا الكتاب المشتمل على شرح بعض أحواله، ومن أدركه من أهل الأسانيد العالية وصورته‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، أستخدم نسائم الكمائم في إبلاغ تحياتي إلى جناب ذي الفضائل، من مناهل المعارف من ندى مسائله‏.‏

وأستودع لمعان البوارق أمام الغوادي تسليماتي على حمّال أهل الفواضل، الناهض بأعباء علوم الشريعة على كاهله‏.‏

من قد كَوْكَبَ فضله وأشرق‏.‏

وماس غصن شمائله فأورق‏.‏

وتساوى في الثناء عليه يومه والأمس‏.‏

وأضاءت به أفلاك المكارم - ولا بدع - فإنه الشمس‏.‏

مستوطن سنام المجد الباذخ‏.‏

مقتعد صهوة الشرف الشامخ‏.‏

مشكاة العلوم إذا أظلمت سيل الجهالة‏.‏

ضياء العلوم إذا دارت على بدرها المنير هالة‏.‏

السيد الشريف، الجهيد العلامة العفيف، شيخنا وأستاذنا‏:‏ السيد سليمان بن يحيى‏.‏ ‏(‏3/ 21‏)‏

لازالت ربوع المكارم بحسن أنظاره تحيى‏.‏ آمين‏.‏

أما بعد، فقد وصل كتابكم أولا وثانيا، وكانا مع الفرح توأمين، وقرأناهما فقرت بمضمونها العين وزال الغين، وماذا أصف‏؟‏ وحسبي أن أقف، فالطوامير، بالنسبة إلى شكره قصاصات عصفت بها الرياح، والمناشير، ولو كانت طلاع ما بين الثرى والأثير، نبذت في جوانب فيافي البطاح، وأشواقي إلى مشاهدة تلك الربوع الأنيسة، ومشاهدة جماله الباهي فيها، مع الاستئناس بحضرة الأحباب الكرام، في تلك المشاهد الزكية المأهولة، لا قدرة على إبراز مجملها، فضلا عن مفصلها، كيف وقد ترادفت جيوشها، وتلاطمت أمواجها، ولمعت بوارقها، ولكني أسأل الواهب المنان، كثير الجود والإحسان، أن يقدر لي الوصول إلى تلك الديار، لأجدد عهدي و أنسي بأولئك السادة الأبرار، فإن هذا القدر الذي وصلت إليه، إنما هو من بركات ملاحظاتهم، وأسرار مشاهداتهم‏.‏

وقد اتفق أني حررت الجواب الذي ورد علينا سابقا مع الكتاب المرسل إلى حضرة شيخنا المرحوم قطب المكارم السيد الوجيه العيدروس، وأرسلناهما وفيه بيان بعض الأخبار، وإفشاء نبذ من الأسرار، ثم أُخبرت فيما بعد أن جواب مكتوبي لم يصل إلى حضرتكم، قال ذلك بعض طلبة العلم‏:‏ الشيخ علي العديني، فقلت‏:‏ لعله خير، وإنما يمنعني من إرسال المكاتيب كثرة أشغالي، وتضاعيف الهموم والأحزان بالقلب البالي، والتي لا يخلو الإنسان منها ولو كان في أجل النعم، ثم الذي أخبركم مما منَّ الله تعالى به علي‏:‏ أني حين وصولي إلى مصر، افترصت المدة، وانتهزت القعدة، فأكببت على تحصيل العلوم، وتكميل منطوقها والمفهوم، وتشرفت بالسماع والصحيح على مسنديها الموجودين‏.‏

فمن الطبقة الأولى - وهم الذين أدركوا البصري، والنخلي، والبنا، والبقري، والعجيمي، - جماعة وهم‏:‏ الشيخ أحمد بن عبد الفتاح بن يوسف المجري الملوي، ‏(‏3/ 22‏)‏ ورفيقه في الأخذ‏:‏ الشهاب أحمد ابن حسن بن عبد الكريم الخالدي الجوهري، وعبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي، والشمس محمد بن أحمد بن حجازي العشماوي، والشهاب بن عبد المنعم صائم الدمنهوري، وسابق بن رمضان بن غرام الرعيلي، الشافعيون، والأخير‏:‏ أدرك الحافظ البابلي وأجازه، لأنه ولد سنة 1068، والبابلي وفاته سنة 1078، وتوفي شيخنا المذكور في سنة 1083، بعد وفاة شيخنا الشبراوي، فهذا الرجل أعلى من وجدته سندا بالديار المصرية، وكان له درس لطيف بالجامع الأزهر، يحضر عليه الإفراد، ولم يتنبه لعلوّ سنده إلا القليل، لاشتغالهم بأحوالهم‏.‏

ثم أدركت الطبقة الثانية، وهي مضاهية للأولى ومشاركة لهم، فمنهم‏:‏ الشيخ سليمان بن مصطفى المنصوري الحنفي، والشيخ حسن بن علي المدابغي الشافعي، والسيد محمد بن محمد التليدي الحسيني المالكي، وعمر بن علي بن يحيى الطحلاوي المالكي، والقطب عبد الوهاب بن عبد السلام المرزوقي العفيفي المالكي، وعبد الحي بن الحسن الحسني البهنسي المالكي، وعلي بن موسى الحسني المقدسي الحنفي، ومحمد بن سالم الحنفي‏.‏

ثم أدركت بعد هؤلاء طبقة أخرى مشاركة لهم، وهم كثيرون، ورحلت إلى بيت المقدس، فحطت بها جماعة مسندين، وفي الرملة، وثغريا، ودمياط، ورسد، والحلة، وسهنود، والمنصورة، وأبو صير، و دمنهور، وعدة من قرى مصر؛ سمعت بها الحديث، كما هو مذكور في المعجم الكبير الذي ذكرت فيه تفصيل ذلك‏.‏

ورحلت إلى أسيوط، وجرجان، وفرشوط، وسمعت في كل منها، وأجازني من مدينة حلب جماعة، ومن مدينة فاس، وتونس، وسولا، وتلمسان جماعة، وأدركت من شيوخ المغاربة جماعة مسندين بمصر وغيرها‏.‏

وممن كتب إليه أستجيز منه لي ولحضرتكم ولأخيكم السيد أبكر ومحبنا ‏(‏3/ 23‏)‏ العلامة عثمان الجبيلي، خاتمةُ المحدثين بمدينة نابلس من الشام‏:‏ الشمس محمد ابن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي، وذلك في سنة تسع وسبعين ومائة وألف، فوصلت منه الإجازة وفيها أساميكم مسطرة على التفصيل، في نحو كراس، أخذها مني الشيخ عبد القادر بن خليل المدني وصل إليكم من مدة ثلاث سنوات، وفي ظني الغالب أنه اجتمع بكم وأراكم هذه الإجازة، ثم إن المذكور ورد علينا من اليمن، وتوجه إلى نابلس وتوفي هناك، وبقيت الإجازة في جملة كتبه، فإن اطلعتم عليها وكتبتم منها نسخة فيها، وإن لم تطلعوا عليها فإن أسانيد الشيخ المشار إليه المجيز لكم محفوظة عندي، فإن سمحت نفسكم بالعمل بهذه الإجازة، وطلبتم شيوخه أرسلت لكم ذلك‏.‏

ومما منَّ الله تعالى علي‏:‏ أني كتبتُ على القاموس شرحا غريبا، في عشر مجلدات كوامل، جُملتها خمسمائة كراس، مكثت مشتغلا به أربعة عشر عاما وشهرين، واشتهر أمره جدا، حتى استكتبه ملك الروم نسخة، وسلطان دافور نسخة، وملك الغرب نسخة، ونسخة منها موجودة في وقف أمير اللوا محمد بيك بمصر، بذل في تحصيله ألف ريال، وإلى الآن الطلب من ملوك الأطراف غير متناه، واتفق أنه جاءني كتاب من السيد العلامة فخر السادة الملوك الأشراف مولانا السيد عبد القادر الكوكباني، صحبة فخر السادة الأشراف السيد علي الفتاوي، يطلب نسخة من الكتاب، فحصلت له الجزء الأخير منه، وهو مشتمل على شرح الواو والياء المسمى‏:‏ بالإعياء، إلى آخر الكتاب، وهذا العام قد توجه به السيد المذكور إلى بلاد اليمن، فإن سمح خاطركم بإرسال مكتوب إلى السيد عبد القادر المشار إليه بتحصيله بالاستكتاب فلا بأس، وإن قدر الله الإرسال إليكم بشيء من أوله فعلت، وسأفعل إن شاء الله تعالى‏.‏ ‏(‏3/ 24‏)‏

ثم أذن لي بالقاهرة في درس الحديث، فشرعت في إقراء صحيح البخاري في مسجد شيخون بالصليبية، مع إملاء حديث عقب الدرس على طريقة الحفاظ بسنده، والكلام عليه بمقتضى الصناعة الحديثة، فحررت تلك الأمالي إلى الآن، فبلغت نحو أربعمائة مجلس، في كل جمعة يومان فقط‏:‏ الاثنين والخميس، وقد جمع ذلك في مجلدات، ونقلها الناس، وأنا إلى الآن مستمر على هذه الطريقة؛ ودرس آخر في الشمائل للترمذي، في مقام القطب شمس الدين أبي محمود الحنفي - قدس الله سره -‏.‏

ولما وصلت إلى حديث أم زرع، أمليت عليه نحو سبعة كراريس وأكثر، في أربعة عشر مجلسا، ونقلته الطلبة واشتهر بينهم، وكتبت إجازة إلى غزة، ودمشق، وحلب، وعين ناب، وأذربيجان، وتونس، وحرار، ونادلا، وديار بكر، وسناد، ودارفور، ومدراس، وغيرها من البلدان، على يد جماعة من أهلها الذين وفدوا علي، وسمعوا مني، واستجازوا لمن هناك من أفاضل العلماء، فأرسلت إليهم مطلوبهم؛ وتلك الأسانيد غالبها ما استفدنا منكم ومن حضرة شيخنا‏:‏ المرحوم عبد الخالق بن أبي بكر المزجاجي، ولقد حصلت الأسانيد شهرة في الديار المصرية والشامية والرومية والمغربية وأطرافها، مما لا أحصي بيانه، والحمد لله الذي وفقني لإحياء مراسم أشياخي، وإنعاش ذكرهم على ممر الزمان؛ ولم أزل في مجالسي أحييها بذكركم، وأشوق الناس إلى زكي محاسنكم، وكتبت في هذه المدة عدة رسائل، ما بين مختصر ومطول‏.‏

فمن ذلك‏:‏

جزء في تخريج حديث‏:‏ شيبتني هود‏.‏

وجزء في تخريج حديث‏:‏ نعم الإدام الخل‏.‏

وجزء في تحقيق الصلاة الوسطى‏.‏

وجزء في تخريج هذا العلم من كل خلف عدوله‏.‏

والأربعين المنتقى من العلل، للدارقطني، والكلام معه بمقتضى الصناعة‏.‏ ‏(‏3/ 25‏)‏

ومعارف الأبرار فيما للكنى والألقاب من الأسرار‏.‏

وجزء في تخريج حديث‏:‏ اسمح يسمح لك‏.‏

والعقد المنظم في أمهات النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

والعقد الثمين في رجال الخرقة والذكر والتلقين‏.‏

والفوائد الجليلة على مسلسلات ابن عقيلة، عشرة كراريس‏.‏

والمرقاة العلية في شرح المسلسل بالأولية، وضعتها على ترتيب‏:‏ منتهى الآمال في حديث إنما الأعمال، للحافظ السيوطي، وغير ذلك مما لم يحضرني حال تسطير الأحرف، وهي كثيرة‏.‏

ومن أعظم ذلك‏:‏ أني شرعت في شرح كتاب الإحياء للغزالي، وأمليته درسا، فأتممت شرح كتاب العلم وحده في نحو سبعين كراسا، والعام الماضي جاءني كتاب من عالم مكة وصالحها‏:‏ مولانا الشيخ إبراهيم الزمزمي يطلب ما تيسر منه، فنقل له من المسودة نحو عشرين كراسا، وأرسلت إليه هذا العام، ولكن بعد إرسال ذلك إليه حين التبييض زدت فيه من فوائده المغلقة به شيئا كثيرا، حتى إن الكتاب مغائر له؛ وقد عزمت في هذه السنة على إرسال ما بيضته وزدت عليه، ليكون الاعتماد على النسخة الأخيرة، فإذا أرسلتم إلى مكة من يستكتب لكم منه نسخة، فإنه قريب الحصول، ومع ذلك فإني نويت على إرسال شرح كتاب العلم منه إلى حضرتكم السعيدة، مع شيء من شرح القاموس، فإن ساعدت الأقدار بحصول أمنيتي فعلت ذلك، وسأفعله إن شاء الله تعالى؛ وهذا الشرح يا مولانا غريب الشكل والوصف، فإنه قد حضرت لي المواد المتعلقة به مالا أحصيها، لكثرة وغرابة، وهي مذكورة في أوله، ثم إنه شرح ممزوج متكفل لبيان رموزه ونسخه وإشاراته ومآخذه، ونرجو من علو همتكم أن لا تنسوا تلميذكم من صالح الأدعية، وبالتوفيق والرضا والتيسير للعمل الصالح، خصوصا إتمام هذا الشرح على الوتيرة المرضية؛ وساعة تاريخ الجواب كنت أشرح الرسالة القدسية، وهو ثاني كتاب بعد كتاب العلم، وقد بقي منه شيء قليل، وسنشرع في كتاب ‏(‏3/ 26‏)‏ أسرار الطهارة إن شاء الله تعالى، كل ذلك ببركة نفسكم الطاهر، ودعائكم الفاخر، فالبعد الظاهر لا عبرة به عند أرباب القلوب، والله علام الغيوب‏.‏

ونخبر شيخنا - أدام الله فضله علينا -‏:‏ أن في جواب الكتاب السابق الذي لم يصل إليكم، كنت أرسلت أستجيز منكم لي على سبيل التجديد، ثم الجماعة من خواص أحبابي الذي يترددون علي للتلقي، ولهم بنا صحبة ومحبة، واشتياقهم لحضرتكم شديد، وإنما منعهم من الوصول إليكم بعد الديار وكثرة الأخطار، وأرجو من فضلكم إرسال إجازة لي منكم، ولمن يسمى بعد في هذه المحلة، وإذا كتبتم الإجازة في كراريس، فليكتب عليها كذلك من بقي الآن بمدينة زبيد - حرسها الله - من المسندين المعمرين، كل ذلك بهمتكم، ويكون إرسالها على يد من يعتمد عليه من الثقات، لا زلتم أهلا لإنجاح الحاجات‏.‏

وهذه أسامي المجازين بعد كاتبه الفقير‏:‏

معيد دروسنا‏:‏ السيد الفاضل أبو الصلاح الحسين بن عبد الرحمن الحسيني الشيخوني‏.‏

وأبو العدل موسى بن داود بن سليمان الحنفي، خطيب المسجد الذي أنا أقرأ فيه‏.‏

والشيخ الصالح‏:‏ أبو البر أحمد بن يوسف الحسيني الشنواني‏.‏

وأبو الصلاح يوسف بن نور الدين الطحلاوي المالكي، خطيب جامع توضون‏.‏

ورضوان بن عبد الله الدفراوي مولى نعم، ولأولاده‏:‏ أبو البقاء، وعثمان، ومحمد، وأحمد، وسلمان، ونفيسة‏.‏

وأبو العرفان عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الحلواني الحنفي، ولوالده المذكور، وفتايَ‏:‏ بلال الحبشي، وزوجي‏:‏ زبيدة بنت المرحوم ذو العفار الدمياطي‏!‏ وفتياتي‏:‏ سعادة، ورحمة الحبشيتان، كل ذلك بتصريح أساميهم تفصيلا، مع ذكر ما ينبغي ذكره من اللطائف الإسنادية، والغرائب الحديثة، وذكر بعض الكتب من أسانيد والدكم المرحوم، ومشائخكم الذي أخذتم عنهم، والله ‏(‏3/ 27‏)‏ يجزيكم عنا كل خير، ويمد في حياتكم وعمركم، ويجعلكم ملجأ الوافدين‏.‏

ثم المسؤول إبلاغ شريف سلامي وتحياتي، إلى حضرة سلالة المشائخ الكرام‏:‏ العارف بالله سيدنا الوجيه عبد الرحمن المشرع، وقد كنت حررت له جوابا في طي جوابكم، ولم يتفق وصوله، وإلى حضرة أخيكم وصنوكم‏:‏ السيد أبي بكر، ومحبنا الفقيه العلامة عثمان الجبيلي، ثم إلى حضرة شيخنا العلامة عبد الله الجوهري، ثم إلى حضرة سيدنا الإمام العلامة القاضي إسماعيل الربعي، ثم إلى أولاد شيخنا المرحوم عبد الخالق بن أبي بكر، وإلى أولاد شيخنا المرحوم محمد بن علاء الدين، ثم كل من يسأل عنا ويحويه مجلسكم السعيد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‏.‏ انتهى ما في ‏(‏النفس اليماني والروح الريحاني‏)‏‏.‏وأقول‏:‏ أن السيد أصله من السادة الواسطية، من قصبة بلكرام، وهي على خمس فراسخ من بلدتنا قنوج، ما وراء نهر كنك‏.‏

قال السيد العلامة مير غلام علي آزاد البلجرامي - قدس سره السامي - في مآثر الكرام تاريخ بلجرام، تحت ترجمة السيد قادري ما تعريبه‏:‏

ومن نيائره‏:‏ السيد محمد مرتضى بن السيد محمد بن السيد قادري، حصل الكتب العربية، ووفق في حداثة السن لمزيارة الحرمين الشريفين، في سنة أربع وستين ومائة وألف الهجرية، واكتسب علم الحديث الشريف في أماكن متبركة، وهو نزيل زبيد اليمن في هذه الأيام، يستند فن الحديث عند الشيخ عبد الخالق الزبيدي - بارك الله في عمره وأولاده - الترقيات الدينية‏.‏ انتهى‏.‏

قلت‏:‏ وقد أقام رحمه الله بزبيد، حتى قيل له‏:‏ الزبيدي، واشتهر بذلك، واختفى على كثير من الناس، كونه من الهند ومن بلجرامها، وقد ذكر في برنامجه الذي كتبه للسيد باسط علي بن السيد علي بن السيد محمد بن السيد قادري بمصر نحوا من ثلاثمائة شيخ له، الذين أخذ عنهم العلم، وسمّى منهم من علماء الهند ومشائخها‏:‏ الشيخ المحدث العلامة محمد فاخر بن محمد يحيى الإله آبادي، ‏(‏3/ 28‏)‏ المتخلص بالزائر؛ ومسند الوقت‏:‏ الشيخ ولي الله المحدث الدهلوي، صاحب كتاب حجة الله البالغة، قال‏:‏ وحضرت بمنزله في دهلي‏.‏

وقد أجاز له مشائخ المذاهب الأربعة، وعلماء البلاد الشاسعة، ولقي الشيخ أبا الحسن بن محمد صادق السندي المدني، صاحب الشروح على الصحاح الستة، والمولوي خير الدين السورتي بن محمد زاهد، وغيرهما‏.‏

ومؤلفاته المذكورة في البرنامج تزيد على مائة كتاب، وذكر مشائخه وكتبه فيه على ترتيب حروف الأعجام، وقد طبع كتابه‏:‏ تاج العروس شرح القاموس لهذا العهد بمصر القاهرة، لكن خمس مجلدات منه فقط، وهو شاع في الأمصار، وبلغ إلى الأقطار، يُتضح من النظر فيه علو كعبه في علم اللغة، وكونه إماما فيه، وشرحه هذا يغني عن حمل جملة الدفاتر المؤلفة في فن اللغة‏.‏

وقد وقع تأليفه في علم الفقه، والحديث، وأصولهما، والتصوف، والسير، وكلها نافعة مفيدة على اختصار في أكثرها، وعندي منها نحو سبع عشرة رسالة، واستجاز منه الملك الأعظم أبو الفتح نظام الدين عبد الحميد خان سلطان الروم لكتب الحديث، فكتب له الإجازة، وسند الحديث المسلسل المأثور المشهور‏:‏ ‏(‏الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى‏)‏ مع غيره من الإجازات، أولها‏:‏ الحمد الله الذي رفع مقام أهل الحديث مكانا عليا‏.‏‏.‏‏.‏ الخ، وكان ذلك في سنة 1193، وأتحف معها إلى السلطان قصيدة نظمها في مدحه، أولها‏:‏

سقى الله ربعا كان لي فيه مربعا ** ومغنى به غصن الشبيبة أينعا

وحيّا مقاما كان لي فيه جيرة ** بهم كان كأسي بالفضائل مترعا

ألا و رعا دهرا تقضىّ بأنسهم ** ولولا الهوى ما قلت يوما له‏:‏ رعا

خليلي ما لي كلما لاح بارق ** تكاد حصاة القلب أن تتصدعا

وإن نسمت ريح الصبا من ديارهم ** بكت أعيني دمعا يساجل أدمعا

إلى آخر الأبيات‏.‏

وكتب إجازة أخرى أيضا للدستور الأعظم أبي المظفر ‏(‏3/ 29‏)‏ محمد باشا صدر الوزارة ونظام الملك، أولها‏:‏ الحمد لله الذي دل على الخيرات، والبرنامج المشار إليه عليه خطه بقلمه الشريف مؤرخة لسنة 1300، وكان وفاته رحمه الله بعد تلك السنة‏.‏

ولي منه رحمه الله قرابة قريبة من جهة الأخوات، يصل نسبنا إلى سيد الساجدين الإمام زين العابدين علي بن حسين بن علي السبط رضي الله عنه، وينتهي نسبه إلى زيد الشهيد بن الإمام زين العابدين السبط، فهو شبل ذاك الأسد، ونخبة أهل هذا البيت المجد‏.‏

وإنما أطلت الكلام في ترجمته هذه، لجهل أكثر أهل العلم عن حاله ومآله، وقد أفنى - رحمه الله - عمره في اشتغال العلم والتدريس بمصر، والعلم عند الله سبحانه وتعالى‏.‏

أبو عبد الله محمد بن زياد المعروف بابن الأعرابي

الكوفي، صاحب اللغة، وهو من موالي بني هاشم، كان أحد العالمين باللغة، المشهورين بمعرفتها‏.‏

أخذ الأدب عن الكسائي وغيره‏.‏

وأخذ عنه ثعلب وابن السكيت وغيرهما، وناقش العلماء واستدرك عليهم، وخطَّأ كثيرا من نقلة اللغة، وكان رأسا في الكلام الغريب، وكان يزعم أن أبا عبيدة والأصمعي لا يحسنان شيئا، وكان يقول‏:‏ جائز في كلام العرب أن يعاقبوا بين الضاد والظاء، فلا ُيخطَّأ من يجعل هذه في موضع هذه، وينشد‏:‏

إلى الله أشكو من خليل أوده ** ثلاث خلال كلها لي غائض بالضاد

ويقول‏:‏ هكذا سمعته من فصحاء العرب‏.‏

وكان يحضر مجلسه خلق كثير من المستفيدين، ويملي عليهم‏.‏

ولد في الليلة التي مات فيها الإمام أبو حنيفة - رحمه الله - وذلك في رجب سنة 150، وتوفي سنة 231 بسر من رأى‏.‏

والأعرابي‏:‏ نسبة إلى الأعراب، يقال‏:‏ رجل أعرابي إذا كان بدويا، وإن لم يكن ‏(‏3/ 30‏)‏ من العرب‏.‏ ورجل عربي‏:‏ منسوب إلى العرب، وإن لم يكن بدويا، ورجل أعجم، وأعجمي‏:‏ إذا كان في لسانه عجمة، وإن كان من العرب، ورجل عجمي‏:‏ منسوب إلى العجم، وإن كان فصيحا‏.‏

 أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد

الأزدي اللغوي البصري، إمام عصره في اللغة والأدب والشعر الفائق، أورد أشياء في اللغة، لم توجد في كتب المتقدمين‏.‏

له كتاب الجمهرة، وهو من الكتب المعتبرة في اللغة، وله كتاب الاشتقاق، وكتاب اللغات‏.‏

وكان يقال‏:‏ هو أعلم الشعراء، وأشعر العلماء‏.‏

ولد بالبصرة سنة 223، وتعلم فيها، أخذ عن أبي حاتم السجستاني، والرياشي، والأصمعي، ثم سكن عمان، ثم خرج إلى نواحي فارس، ثم انتقل إلى فارس؛ ذكر له ابن خلكان ترجمة حافلة، توفي رحمه الله سنة 321 ببغداد‏.‏

 أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي الزمخشري

صاحب الكشاف، الذي لم يصنف قبله مثله‏.‏

كان إماما في اللغة والنحو وعلم البيان من غير مدافع، تشد إليه الرحال في فنونه‏.‏

له الفائق في غريب الحديث، وأساس البلاغة في اللغة، وربيع الأبرار، وضالة الناشد، والرائض في الفرائض، والمفصل في النحو، وشقائق النعمان في حقائق النعمان، وشافي العي من كلام الشافعي - رحمه الله -، والقسطاس في العروض، ومعجم الحدود، والمنهاج في الأصول، ومقدمة الأدب، وغير ذلك‏.‏

وكان قد سافر إلى مكة - حرسها الله تعالى - وجاور بها زمانا، فصار يقال له‏:‏ جار الله لذلك، وكان هذا الاسم علما عليه‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ وسمعت من بعض المشائخ‏:‏ أن إحدى رجليه كانت ساقطة، وأنه كان يمشي في جارن خشب، ثم ذكر لذلك قصة، وكان معتزلي الاعتقاد، ‏(‏3/ 31‏)‏ متظاهرا به، ولد سنة 467 بزمخشر‏:‏ قرية كبيرة من قرى خوارزم، وتوفي سنة 538 بجرجانية‏:‏ وهي قصبة خوارزم، وهي على شاطئ جيحون - رحمه الله تعالى‏.‏-

 أبو عبيدة معمر بن المثنى

البصري اللغوي النحوي العلامة، قال الجاحظ‏:‏ لم يكن في الأرض خارجي ولا جماعي أعلم بجميع العلوم منه، وكان يبغض العرب، وألف في مثالبها كتبا، وكان يرى رأي الخوارج، وكان أبو نواس يتعلم منه ويصفه، ويسب الأصمعي ويهجوه، وكان إذا أنشد بيتا لا يقيم وزنه، وإذا تحدث أو قرأ ألحن، ويقول‏:‏ النحو محدود، ولم يزل يصنف حتى مات، وتصانيفه تقارب مائتي مصنف، ذُكر منها عدد وافر في ابن خلكان، وقال‏:‏ ولولا خوف الإطالة لذكرت جميعها‏.‏

وكان الأصمعي إذا أراد الدخول إلى المسجد قال‏:‏ انظروا لا يكون فيه ذاك، يعني أبا عبيدة، خوفا من لسانه، فلما مات لم يحضر جنازته أحد، لأنه لم يكن يسلم من لسانه أحد، لا شريف ولا غيره، وكان وسخا، ألثغ، مدخول النسب، مدخول الدين، وأخباره كثيرة، ذكر جملة صالحة منها في وفيات الأعيان، ولد في سنة 110 في الليلة التي توفي بها الحسن البصري، وتوفي في سنة 209‏.‏

 أبو يوسف يعقوب بن إسحاق، المعروف بابن السكيت

صاحب كتاب إصلاح المنطق، وغيره، ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق، وكان يؤدب أولاد المتوكل‏.‏

روى عن الأصمعي، وأبي عبيدة، والفراء، وكتبه جيدة صحيحة، ولم يكن له نفاذ في علم النحو، وكان يميل في رأيه واعتقاده إلى مذهب من يرى تقديم علي بن أبي طالب‏.‏

قال ثعلب‏:‏ كان ابن السكيت يتصرف في أنواع العلوم، وكان من أصحاب الكسائي، حسن المعرفة بالعربية، ولم يكن بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة منه، وله شعر حسن، وكتب كثيرة، ذكر جملة منها ابن خلكان‏.‏

قال بعض العلماء‏:‏ ما عبر على جسر بغداد كتاب في اللغة مثل إصلاح المنطق، ‏(‏3/ 32‏)‏ ولا شك أنه من الكتب النافعة، الممتعة الجامعة، لكثير من اللغة؛ ولا نعرف في حجمه مثله في بابه‏.‏

قتل بأمر المتوكل في سنة 244، وبلغ عمره ثمانيا وخمسين سنة، لأن المتوكل كان كثير التحامل على علي بن أبي طالب وابنيه، وكان ابن السكيت من المغالين في محبتهم والتوالي لهم، فقال‏:‏ والله إن قنبرا خادم علي رضي الله عنه خير منك ومن ابنيك، فقال المتوكل‏:‏ سلوا لسانه من قفاه، ففعلوا ذلك به، فمات - رحمه الله‏.‏-